إنصاف الإسلام للمرأة وإعلاؤه مكانتها
الحمدُ لله مستحقِّ الحمد وأهْلِه، ومُبين الهُدَى بإيضاح سُبلِه، أحمده حمدًا دائمًا بلا فتْرَة، وأشكره على نِعمه التي لا تُحْصَى كثْرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْده لا شريكَ له، شهادةً أدَّخِرها نجاةً من عذاب الحفْرة، وسلامًا مِن العدوِّ في العُسرة واليُسْرة.
أَحْمَدُه على نَعماه، وأُصلِّي على عبدِه ورسوله محمَّد الذي اختارَه واجْتَباه، وأحبَّه وارتضاه، وعظَّمه وكرَّمه، ورفَعه على مَن سواه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه ومَن تَبِع هُداه.
فإنَّ مِن أعظم ما اشْتَغَل به البَشرُ في القضايا الاجتماعيَّة في القديم الماضي، وفي الحديثِ الحاضِر، وما سيشغلهم في المستقبل - على ما أعتقد -: قضيةَ المرأة، وقد تخبَّط البشر في معالجتها؛ لأنهم كانوا بمعزلٍ عن شرْع الله القويم، فجاءتْ أحكامُهم مَشوبةً بالظُّلم، مغلفة بهوى النفس، وكانتِ المرأة الضحية في تلك الاجتهادات البشرية.
وتوالَتِ العصور وعُرضت "قضية المرأة"، ولا تزال تُعرَض على مأدُبة "الحرية"، وذِروة سَنامها "المساواة"، وكأنَّ الداعين لهذه الشِّعارات أناسٌ مَرَدُوا على حبِّ الفاحشة، والسطو على الأعراض، وهتْك الحُرمات، وتضخيم الأرْصِدة، وقد نجحوا في حملتِهم الماكِرة، حتى آل الأمرُ في دول الغرْب إلى تفكُّك الأسر، وتقوَّضت دعائمُ الفضيلة، وراج سوقُ الرذيلة، وأنذر الناصِحون منهم بني جِلدتهم مِن غبِّ فعلتهم، ولكن هيهات بعد أن غرِق القوم في مستنقَع الرذيلة!
وأمَّا في بلاد الإسلام - حماها الله - فإنَّ الأمرَ لَم يصلْ إلى ما وصل إليه في بلادِ الغرب، إلا أنَّ بداية الشرر تطايرتْ إلى بعض أجزائه، بل وأحرقتِ الأجزاء الأخرى، وكانت هذه المجالات تُثار في وقتٍ مضى، واحدة تلوَ الأخرى بعدَ زمن، ويقضي عليها العلماء في مهدِها، ويُصيحون بأهلها مِن أقطار الأرْض، ويرمون في آثارِهم بالشُّهب، وفي أيامنا هذه كفأ الجُنَاةُ المِكْتل مملوءًا بهذه الرذائل بكلِّ قوة وجُرأة واندفاع.
وهذه الدعوات الوافِدة قد جمعتْ أنواعَ التناقُضات، ذاتًا وموضوعًا وشكلاً.
وانقسمَ الناس في قضية المرأة قِسمين:
غالٍ في مطالباته، متجاوز عن أُطروحاته، لا يَعي خطورةَ ما يكتبه، ولا ما يدعو إليه، يخطو آثارَ كلِّ مستغرِب، ويخترق سدَّ الذرائع إلى الرذائل، ويتقحَّم الفضائل، وانبسط لسانُه بالسوء، وجرَى قلمُه بالسُّوء، باسمِ المساواة والحريَّة.
والثاني: جافٍ في شأنِ المرأة، يرى أنها نالتِ الحقَّ، وتربَّعتْ عرْشَ الفضْل، وأنْ لا ظلمَ عليها ولا خوف، ويُكذِّب مقالَه حالُه، وواقعُ نساء عصْره.
وفي ضوْء ما تقدَّم، أحببتُ أن أضَع هذه المقدمة بيْن يدي هذا البحث، والذي يأتي أبواب وفصول ومباحث مُقسَّمة كالتالي:
الباب الأول: المرأة سلاح ذو حدين.
الفصل الأول: أثر انحراف المرأة.
المبحث الأول: انحراف المرأة سبب في نزول العقوبات الإلهية.
المبحث الثاني: مِن أوربا تأتي الفتن.
المبحث الثالث: مُخطَّطات أعداء الإسلام تَرْمي إلى تحطيم الأُمَّة عن طريق المرأة.
الفصل الثاني: مكانة المرأة في بعض الحضارات القديمة والأديان الأخرى.
المبحث الأول: المرأة عند الإغريق.
المبحث الثاني: المرأة عند الرُّومان.
المبحث الثالث: المرأة عند الفُرْس.
المبحث الرابع: المرأة عند الهنود.
المبحث الخامس: المرأة عند اليهود.
المبحث السادس: المرأة عندَ الأمم النصرانيَّة.
الفصل الثالث: المرأة العربيَّة في العصر الجاهلي.
المبحث الأول: مكانة المرأة عندهم.
المبحث الثاني: حرمانها من الإرْث.
المبحث الثالث: وأد البنات.
المبحث الرابع: زواج المرأة عندهم.
المبحث الخامس: طلاق المرأة، ونظام عدتها عندهم.
الباب الثاني: إنصاف الإسلام للمرأة وعُلُو مكانتها.
الفصل الأول: مظاهِر تكريم الإسلام للمرأة.
المبحث الأول: المساواة في الإنسانية.
المبحث الثاني: المساواة في أغلبِ التكاليف الشرعيَّة.
المبحث الثالث: المساواة في المسؤوليَّة المدنيَّة في الحقوق الماديَّة الخاصَّة.
المبحث الرابع: المساواة في جزاء الآخرة.
المبحث الخامس: المساواة في الموالاة والتناصُر.
الفصل الثاني: تأصيل معنى "حقوق المرأة".
المبحث الأول: تقسيمات الحق.
المبحث الثاني: التنوُّع في الحقوقِ والواجبات بيْن الرجال والنساء.
المبحث الثالث: دحْض بِدْعة المساواة المُطْلَقة بيْن الرَّجل والمرأة.
المبحث الرابع: مقتضَى الفِطرة في أعمال الزَّوْجين.
المبحث الخامس: قوامة الرَّجل تنظيميَّة لا استبداديَّة.
الباب الثالث: تفْنيد الشُّبهات المثارَة حولَ المرأة في الإسلام.
الفصل الأول: شبهات حول النصوص القرآنية.
المبحث الأول: دفْع الشبهة حولَ قوله - تعالى -: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ ﴾ [النحل: 57].
المبحث الثاني: دفْع الشبهة حول قوله - تعالى -: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].
المبحث الثالث: دفْع الشبهة حولَ قوله - تعالى -: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228].
الفصل الثاني: شبهات حول الأحاديث النبوية.
المبحث الأول: شُبهة شؤم المرأة.
المبحث الثاني: شُبهة نُقصان عقْل المرأة ودِينها.
المبحث الثالث: شبهة حول شهادة المرأة.
المبحث الرابع: شُبهة ميراث الأنثى نصف ميراث الذَّكَر.
الخاتمة.
الباب الأول
المرأة سلاح ذو حَدَّين
إنَّ المرء ليعجب من حالِ كثير من الناس حينما بعدوا عن دِينهم، وانصرفوا عن طاعةِ ربِّهم - سبحانه وتعالى - فحسبوا أنَّ الأرض أخذتْ زخرفها وازيَّنت لهم، وظنُّوا أنهم قادرون عليها، فانقاد السوادُ الأعظم لغرورها، وافتتنوا بحضارةِ الغرْب وزخارف الشَّرْق، وصادَف هذا كله غفلةُ دُعاة الحق، وكتمان البعض - إلا مَن رحِم الله - ما أنزل الله من البيِّنات، ولكن أعداء الإسلام لم يغفلوا عنَّا، فجرَّدوا الحملات المسلَّحة لغزو المسلمين بسِهام الشهوات، وسموم الشبهات؛ لتَعيثَ في قلوب المسلمين فسادًا.
وقد كان هؤلاءِ الأعداءُ خبثاءَ ماكرين في حرْبهم؛ إذ تفرَّسوا في أسباب قوَّة المسلمين وحددوها، ثم اجتهدوا في توهينها وتحطيمها بكلِّ ما أُوتوا من مكْر ودَهاء.
علِموا أنَّ المرأة من أعظم أسباب القوَّة في المجتمع الإسلامي، وهم يعلمون أيضًا أنها سلاح ذو حدَّيْن، وأنها قابلة لأنْ تكون أخطر أسلحة التدمير والفِتنة.
قال محمد طلعت حرب - رائد الاقتصاد المصري -: "إنَّه لم يبقَ حائل يحول دون هدْم المجتمع الإسلامي في الشَّرق - لا في مصر وحْدَها - إلاَّ أنْ يطرأ على المرأةِ المسلِمة التحويل، بل الفساد الذي عمَّ الرجال في المشرق"[1].
الفصل الأول: أثر انحراف المرأة:
لقدْ كان للمرأة دَورٌ بارِز في بناء الصَّرْح الإسلامي، ولكن سرعان ما تلاشى هذا البناء شيئًا فشيئًا، حتى انهدم هذا الصَّرْح، وجُرحتِ الأمَّة بالحد المهلِك، وكانت سببًا في انهيار حضارات عَتيقة تمزَّقت كل ممزَّق، وهل ننسى أنَّ المعز الفاطمي بعدَ أن فتح ما يلي إفريقية من البحر المحيط، أَخَذ يرنو إلى غزو مصر واجمًا متهيبًا، حتى جاءتْه الأنباء متواترة عن "استهتار" نِساء الإخشيد، فتحرَّك للعمل، وأرْسَل قائده جوهرًا لفتْح مصر، وقال: "اليوم فُتِحت مصر، الآن لا يصدُّنا عنها شيء"؟ فكان الأمر وَفقَ ما قال[2].
فانظر كيف كان عدم المبالاة من النِّساء حتى تمكَّنَ الأعداءُ منهم، وأذاقوهم ألوانًا مِن الهوان والهزيمة، وكل هذا إنَّما يَرْجع إلى انحرافها، وعدم استقامتِها، ووعيها لرُشْدها.
المبحث الأول: انحراف المرأة سببٌ في نزول العقوبات الإلهيَّة:
لا يُنسى أنَّ المرأة إذا انحرفتْ عن جادَّة الصواب، عمَّ البلاءُ على العباد، ونزَل العذاب الإلهي مِنَ السَّماء، وحلَّ الخوفُ والفزَع مكانَ الأمن والسكينة.
والتاريخ خيرُ شاهد على ما أقول في القديم والحديث:
عن جُبَير بن نُفَير قال: "لَمَّا فُتحت قبرص فُرِّق بين أهلها فبَكى بعضُهم إلى بعض، ورأيت أبا الدَّرْداء جالسًا وحْدَه يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يُبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهلَه؟! قال: ويحَك يا جُبَير! ما أهونَ الخَلْقَ على الله إذا هم ترَكوا أمْرَه! بينا هي أُمَّةٌ قاهِرة ظاهِرة، لهم الملك، تَرَكوا أمرَ الله فصاروا إلى ما تَرَى"[3].
فانظر إلى الأمراض الفتَّاكة، والأوْجاع التي لم نَعْهَدْها، وكانت عندَ الأمم الأخرى كاليونان والرُّومان والهنود والفُرس، وأما في عصرِنا الحاضر فقد ذخر التاريخ بعبر ومَثُلات؛ "أليس حسبنا أن نرى - مثلاً - حاملة لواء الفوضى ترْكَع أمام خُصومها، وتحتَ أقدام أعدائها مُسْتَسْلِمة في سرعة عجيبة - وذلك عندما هُزمت فرنسا أمامَ الألمان في الحرْب العالمية الثانية - حتى قال لهم قائدُ حربهم الماريشال "بيتان" يقرعهم: "زِنوا خطاياكم بني قومي، إنَّ خطاياكم ثقيلة، إنَّكم لم تُريدوا أطفالاً، وهجرتم حياةَ الأُسرة، ونبذتم الفضيلة، وانطلقتُم إلى الشهوات تطلبونها في كلِّ مكان"[4].
ولنا عِبرة في "بومبي"[5]، وهي وحْدها كافيةٌ لإيقاظ الضمائر، لو كان فيها بقايا مِن حياة، لقدْ أخبرَنا التاريخ بهلاك هذه البَلْدة في غمرة مفاجِئة مِن حمَم "فيزوف" طمستْها في دقائقَ معدودة، ولم نعرف السبب، حتى إذا شاء الله أن يكشفَ عِبرتها هدَى الإنسان إلى إبرازها من تحت الركام، شعب بأكملِه استحال إلى محنَّطات لم يبلُ منها شيء، ولم يتغيَّر وضع، الخبَّاز في حالته التي كان عليها، والسَّكارى يمسكون بكؤوس الخمْر على شفاههم، وحتى الفاسِقون في أشنعِ حالاتِ الفحشاء!
المبحث الثاني: مِن " أوربا " تأتي الفتن:
ليس الغرْب وحده هو المسؤول عن شيوع الفاحِشة في قديم العالَم وحديثه، ولكنَّه سبب رئيس في جلْب الفِتَن إلى ديار المسلمين، فكثيرٌ مِنَ الأُمم مُشْتركة في تَبِعة هذا الاتِّجار الرَّهيب.
ولعل سرورَ الغَرْب بنجاحه في إفسادِ أخلاقنا أعظمُ بكثير من سروره باستنزافِ أموالنا في منتجاته الصِّناعيَّة وغيرها، كما يشهد بذلك المنصِّر "بيارد دودج"؛ إذ يقول: "ويلوح لي أنَّ هوليود قد أثَّرت في الجيل الحاضِر مِن المسلمين أكثرَ مِن تأثير مدارسهم الدِّينيَّة"[6].
ومِن هنا: كانت المخطَّطات التي رَسَمها الأعداءُ ترْمي إلى شلِّ المرأة المسلِمة عن وظيفتها البنَّاءة سلبًا، ثم الزَّج بها إلى مواقِع الفِتنة، وتدمير الأخلاق إيجابًا، تحت سِتار خَدَّاع منَ المصطلحات البرَّاقة كالتحرير، والتنوير، والتجديد.
يقول أحدُ أقطاب الاستعمار: "كأس وغانية تفعلانِ في الأمَّة المحمديَّة ما لا يفعله ألفُ مِدْفع؛ فأغرِقوهم في الشهوات والملذَّات"[7].
المبحث الثالث: مخططات أعداء الإسلام ترمي إلى تحطيم الأمة عن طريق المرأة.
يتَّبع العلمانيُّون منهجًا واحدًا لَم يتغيَّرْ عبرَ مائة عام مِن أجْل إفساد المرأة، وأطروحاتهم التحرريَّة التي جَلَبوها من الغرْب هي أطروحاتٌ لم تتغيَّر منذ ذلك الوقتِ، حتى يومنا هذا، سوى تغيُّرٍ طفيف لمراعاة البيئات ومستجدَّات العصر، لكن المطالب الأساسية لدَيْهم مُكرَّرة معادة، نقرؤها في كتب القُدامى ونَسْمعها من أفواه المعاصِرين، فهم في حقيقةِ الأمر أبواق ينفخ فيها اليَهود بروتوكولاتِهم، فتمر عَبْرَهم الأفكارُ اليهودية؛ لتُخرِجَ لنا أفكارًا يهودية بلهجة محليَّة عربيَّة، ويمكن تلخيص ملامِح هذا المنهج الإفسادي في النِّقاط التالية:
• التطبيع؛ أي: جعْل الفساد أمرًا طبيعيًّا، حيث يتمُّ طرْح مجموعة من الأفكار والمقالات الصحفيَّة، ونشْر بعض الكُتُب والقصص والرِّوايات، والتي تتحدَّث جميعها عن موضوعات لها ارتباطٌ بقضية إفساد المرأة؛ حتى يبدأ عامَّةُ الناس بقَبول تلك الأفكار، ويبدأ تأثيرُها يتسرب شيئًا فشيئًا إلى تفاصيلِ حياتهم اليوميَّة.
ومن القضايا التي تناولها العلمانيون ما يلي:
أ - الاختلاط:
يقول برتراند راسل: "يجب أن يُعالَج الجِنس من البداية كشيءٍ طبيعي مبهج ومحتشِم، وإذا أردْنا أن نغفل خلافَ ذلك، فإنَّنا نكون قد سمَّمْنا العلاقات فيما بيْن الرجل والمرأة، وبيْن الآباء والأولاد"، وينطوي تحتَ ذلك الدعوة للتعليم المختلط منذُ الصغر، بحجَّة التعرُّف على نفسية الجِنس الآخر، وإزالة الشكوك بينهما بسببِ الاعتِياد على مشاهدةِ بعضهم لبعضٍ، فيشعر الولَد - بِزَعْمِهم - كأنَّه يعيش مع أخته، والفتاةُ مع أخيها.
ويقول أحدُ كبراء الماسونية: "يجب علينا أن نكسبَ المرأة، فأيَّ يوم مدَّتْ إلينا يدَها فُزْنا بالحرام، وتبدَّد جيشُ المنتصرين للدِّين".
ومِنَ التطبيقات العَملية التي ينفذها القوم في واقعنا المعاش الاحتفالاتُ المختلطة التي نشاهدها بيْن آونةٍ وأخرى، وإذا وقَف المصلحون أمام دعوتِهم هذه أجْلَبوا عليهم بكلِّ ما يجدون مِن وسائلِ السبِّ والإقصاء، وادَّعَوا بأنهم يُريدون الرجوعَ بنا عن مجالات التقدُّم.
ب- إظهار الألْبِسة العارية على أنَّها رُقي وتقدُّم:
والمتابع لذلك يجد أنَّ هذه الألبسة العارية ابتدأتْ في الصحف والمجلاَّت العربية عام 1925م؛ أي: بعد سقوط الخِلافة بعام واحد فقط، ظهرتْ بصورة كثيفة في تلك الحِقْبة، وكان ظهورُها جريئًا في خلاعتِه، في وقتٍ كانت المرأة المسلِمة متمسِّكة بحِجابها الكامل، لكن الضَّغط الإعلامي وتزْيين ذلك والدَّعوة إلى الموضة واتباعها، أجْبَر النساء على التخلِّي عن الحِشمة، ثم الانجراف قليلاً قليلاً صوبَ السفور، والجَرْي خلفَ الموضات.
ولا يَزال هذا السيلُ الجرَّار من هذا العري يزداد يومًا بعدَ يوم، ولعل محلات الأزياء والمجلات النِّسائيَّة العربية، ومُسابقات ملكات الجمال التي يتم عرْضُها في القنوات الفضائيَّة، هي أصدقُ تعبير على ذلك.
ومِن طُرُق الضَّغط ما يتمُّ ممارسته بإتْخام الأسواق ومَلْئها بأصناف الألبسة الغربيَّة المنافية للدِّين والحِشمة والعفاف؛ لإجبار النساء على ارتدائها لعدمِ أو صعوبة توافُرِ البديل الساتِر العفيف.
هـ- استمراء التفحُّش:
بتعويد الناس على إظهارِ صُورٍ من الانحلال الجِنسي في وسائلِ الإعلام بصُور تبدو كأنَّه عفوية بحجَّة الرشاقة وتمارين تخفيفِ الوزن، أو باسمِ التمارين الرِّياضيَّة.
ومنَ الأساليبِ الخادعة لنشْر التفسُّخ والفاحِشة في المجتمع أن يُخصِّص العلمانيون الصفحاتِ الكاملة للحديث عن مشاكلِ المرأة الجِنسيَّة في المخْدَع الزَّوْجي بالتفصيلِ المثير للغرائزِ، أو الحديث المطول عن الفضائحِ الجِنسيَّة والجرائم المتعلِّقة بالاغتصاب، وهم بهذه الطريقة يريدون أن يُنيروا عقولَ الناس بزعْمهم لمحاكاةِ تلك القصص (المسلسلات التركية مثالاً)، ولإقناع الناس بتدهْوُر المجتمع، وأنَّ هذه الجرائم مِن الأمور المُستَشْرِية التي لا يخلو منها بيْت[8].